بعد أزمات متتالية.. المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا يواجه تحديات البقاء السياسي

tahqiqe24

جوهانسبورغ – يجد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا نفسه أمام مرحلة حرجة، مع اقتراب الانتخابات المحلية المقررة سنة 2026، إذ يكابد من أجل وقف نزيف داخلي أضعف صورته التي تشوهت بفعل سنوات من التدبير المتعثر وسلسلة من الفضائح السياسية والمالية.

وقد توالت الانتقادات من داخل الحزب نفسه، حيث اعترفت ناليدو باندور، وزيرة العلاقات الدولية والتعاون السابقة، بفقدان الحزب لمجده التاريخي، فيما ذهب السياسي المخضرم مافوسو مسيمانغ إلى حد وصف الأمين العام الحالي فيكيلي مبالولا بـ”المزعج” بسبب أسلوبه في القيادة. هذه التصريحات تعكس استياء واسعا داخل صفوف قيادات الحزب التي ترى أن المؤتمر الوطني ابتعد عن قيمه التأسيسية.

التقرير السنوي للحزب لسنة 2024 استعمل كلمة “أزمة” أكثر من عشرين مرة، مشيرا إلى “أزمة وجودية” تهدد مستقبل الحزب. وعلى هذه الخلفية، نشر المؤتمر وثيقة داخلية تحضيرا لمجلسه الوطني المقبل، واصفا الاجتماع المزمع عقده في دجنبر بأنه “لحظة حاسمة للبقاء السياسي”.

المحللة السياسية رينيفا فوري اعتبرت أن الحزب فشل مرارا في محاولات التجديد السابقة، مشيرة إلى أن مصداقية الجهود الحالية موضع شك في ظل استمرار “عقلية النهب”. أما الحزب الشيوعي الجنوب إفريقي، أحد الحلفاء التقليديين، فقد صعّد لهجته، متهما المؤتمر الوطني بـ”خيانة أنصاره”، ومعلنا إمكانية الترشح بشكل مستقل في انتخابات 2026، ما قد يهدد تماسك التحالف التاريخي بين القوى التقدمية.

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن 80 في المئة من المواطنين يعتقدون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ، بينما تتزايد الانتقادات لسياسات الحزب داخل حكومة الوحدة الوطنية، التي تضم عشرة أحزاب عقب فقدانه الأغلبية البرلمانية.

ويرى محللون أن الحزب يعاني من “انتكاسة أخلاقية” بسبب تورط بعض قياداته في قضايا فساد، وتراجع الخدمات العمومية، وارتفاع معدلات البطالة والجريمة، ما جعل صورته لدى الناخبين تتآكل بشكل غير مسبوق.

وفي الوقت الذي يعتبر فيه بعض المراقبين أن المؤتمر الوطني الإفريقي قد لا يسقط عبر مواجهة سياسية دراماتيكية، فإن احتمالية تآكله التدريجي تبدو أكثر ترجيحا، بما يجعل انهياره ـ إن حدث ـ سلسا وغير صاخب، نتيجة فقدان الثقة واللامبالاة الشعبية المتزايدة تجاهه.

اترك تعليقا *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ركن الإعلانات والإشهارات

أبرز المقالات

تابعنا

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.