مدير النشر: يونس سركوح
جاء الخطاب الملكي بمثابة دعوة صريحة إلى البرلمان والأحزاب لتحمل مسؤولياتهم كاملة، وجعل خدمة المواطن غاية أساسية، مع اعتماد مقاربة قائمة على الالتزام والنجاعة، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية باعتبارها رهاناً استراتيجياً لمغرب صاعد.
قبل قليل من مساء اليوم الجمعة، ألقى جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خطاباً سامياً بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة من الولاية الحالية لمجلس النواب، حمل رسائل واضحة إلى الفاعلين السياسيين والمؤسساتيين، داعياً إياهم إلى جعل خدمة المواطن والالتزام بالنجاعة أولوية قصوى في المرحلة المقبلة.
-
سنة تشريعية حاسمة
في مستهل خطابه، أشاد جلالة الملك بدور البرلمان في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، غير أنه أكد أن السنة التشريعية الأخيرة تتطلب جهداً مضاعفاً لاستكمال المخططات التشريعية وتنفيذ المشاريع المفتوحة. هذا التوجيه يعكس حرصاً ملكياً على استثمار الزمن السياسي بشكل مسؤول، بعيداً عن الاعتبارات الضيقة التي قد تطغى في المراحل الانتخابية.
-
تكامل المشاريع الكبرى بالبرامج الاجتماعية
أبرز جلالته أن التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا من خلال التكامل بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، بما يضمن تحسين ظروف عيش المواطنين في مختلف مناطق البلاد. هذه الدعوة تضع الأحزاب والبرلمان أمام مسؤولية مزدوجة، تقوم على سن التشريعات الداعمة للاستثمارات الكبرى، مع ضمان الأثر الاجتماعي المباشر للمشاريع على الفئات المستهدفة.
- مسؤولية جماعية في تأطير المواطنين
شدد الخطاب الملكي على أن تعريف المواطنين بالمبادرات العمومية والقوانين المرتبطة بحقوقهم وحرياتهم مسؤولية مشتركة لا تقتصر على الحكومة وحدها، بل تشمل البرلمان والأحزاب السياسية والمنتخبين ووسائل الإعلام والمجتمع المدني. هذه الإشارة تؤسس لرؤية جماعية تجعل من التواصل والتأطير رافعة لتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات.
-
العدالة الاجتماعية والمجالية كخيار استراتيجي
أكد جلالة الملك أن العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليست شعاراً ظرفياً بل خياراً استراتيجياً ورهاناً مصيرياً، داعياً إلى تغيير ملموس في العقليات واعتماد ثقافة النتائج على أساس معطيات ميدانية دقيقة، مع الاستفادة من التكنولوجيات الرقمية في التخطيط والتنفيذ.
-
أولويات تنموية واضحة
حدد الخطاب ثلاث أولويات مركزية للجيل الجديد من برامج التنمية الترابية:
-
العناية بالمناطق الجبلية والواحات من خلال سياسات تراعي هشاشتها وخصوصياتها.
-
تفعيل آليات التنمية المستدامة للسواحل الوطنية، في توازن بين الاستثمار وحماية البيئة.
-
توسيع نطاق المراكز القروية الناشئة لتقريب الخدمات من العالم القروي والتخفيف من آثار التوسع الحضري.
-
دعوة إلى تغليب المصلحة الوطنية
في الشق السياسي، دعا جلالة الملك الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، إلى تعبئة الطاقات وتغليب المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الحزبية الضيقة. وهو ما يعكس إرادة ملكية في الارتقاء بالعمل السياسي إلى مستوى التحديات الوطنية الراهنة.
-
بعد قيمي وأخلاقي
اختتم جلالة الملك خطابه بالاستشهاد بالآية الكريمة: “فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره”. وهو استحضار يضفي على الخطاب بعداً أخلاقياً يذكّر ممثلي الأمة بأن خدمة الوطن مسؤولية تستوجب النزاهة ونكران الذات.