أصبحت صناعة الطيران بالمغرب، بفضل الرؤية الاستباقية لجلالة الملك محمد السادس، من أبرز النماذج الناجحة في العالم النامي، إذ تحولت إلى ركيزة استراتيجية ضمن السياسة الصناعية الوطنية، تجمع بين الابتكار والتكوين والاستدامة، وتُجسّد صورة المغرب كـ شريك موثوق ومنافس عالمي في هذا القطاع الحيوي.
فمن الدار البيضاء إلى طنجة، رسخت المملكة موقعها على خريطة الطيران العالمية عبر المنصات الصناعية المتقدمة، وفي مقدمتها المركب الصناعي لمحركات الطائرات التابع لمجموعة “سافران”، الذي أعطى جلالة الملك انطلاقة أشغاله بالنواصر، في خطوة جديدة نحو تعزيز مكانة المغرب في مجال التكنولوجيا العالية.
وفي أقل من ربع قرن، تمكن المغرب من بناء منظومة صناعية متكاملة تضم أكثر من 150 شركة وتشغل أزيد من 24 ألف مهندس وتقني، مع نسبة إدماج محلي تفوق 40 في المئة، ورقم معاملات تصديري بلغ 26.4 مليار درهم سنة 2024.
هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة سياسات مهيكلة وتخطيط استراتيجي ملكي منذ إطلاق مخطط الإقلاع الصناعي سنة 2004، مروراً بإنشاء معاهد متخصصة في مهن الطيران، ومنطقة “ميدبارك الدار البيضاء” المخصصة لتجميع كبريات الشركات العالمية، وصولاً إلى المشاريع المشتركة مع “إيرباص” و“بوينغ” و“سافران” التي جعلت من المغرب مركزاً محورياً في سلاسل التوريد الدولية.
كما واكب المغرب التحول نحو الاستدامة والصناعة 4.0 عبر رقمنة الإنتاج وتقليص البصمة الكربونية، انسجاماً مع التوجه الوطني في مجال الابتكار الأخضر.
وتؤكد هذه الدينامية أن القيادة الملكية الموصولة وضعت أسس اقتصاد صناعي تنافسي ومندمج، جعل من المغرب ليس فقط واجهة للخبرة التكنولوجية الإفريقية والعربية، بل أيضاً نموذجاً رائداً في ربط التنمية الصناعية بالعدالة المجالية والاجتماعية.