صندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية تحت المراجعة

ياسين لتبات ياسين لتبات

حدّد مشروع قانون المالية لسنة 2026 النفقات المأذون للسلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة الالتزام بها مقدّمًا خلال السنة المالية المقبلة من الاعتمادات المخصّصة لصندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية، بمبلغ مليار وخمسمائة مليون درهم، وهو ما أعاد النقاش حول فعالية هذا الصندوق ودوره في تعزيز الطابع الرسمي للأمازيغية في المغرب.

وأحدثت الحكومة، ابتداء من سنة 2022، صندوقًا خاصًا لتفعيل الأمازيغية، بهدف إدماجها في التعليم، التشريع، الإعلام، والإدارات العمومية، وفق ما جاء في برنامجها الحكومي. واعتُبر هذا الصندوق آلية مالية لدعم العدالة الثقافية واللغوية، وتعزيز إدماج السياسات العمومية في التنمية الاجتماعية والمجالية، على أن تصل موارده المالية إلى مليار درهم ابتداء من سنة 2025.

لكن التجربة أثارت انتقادات من فاعلين مدنيين وباحثين في قضايا اللغة والثقافة الأمازيغية. وقال عبد الله بادو، عضو المكتب التنفيذي للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة “أزطا”، إن الصندوق يعكس فشل الحكومة في إدماج الأمازيغية في الحياة العامة بسبب ضعف التخطيط، وانعدام الشفافية، وغياب الإرادة السياسية الفعلية.

وأضاف أن ما تم صرفه فعليًا من غلاف الصندوق المالي، الذي بلغ مليار درهم بحلول منتصف 2025، لم يتجاوز جزءًا محدودًا من هذا المبلغ، موزعًا على مشاريع إدارية وخدماتية متفاوتة الأثر، مما يعيق تحقيق الهدف الأساسي للصندوق.

وأشار بادو إلى أن غياب وثائق العمل والتقارير الرسمية يجعل تقييم فعالية الصرف وقياس الأثر الملموس للصندوق أمرًا صعبًا، مؤكدًا أن الحكومة لم تُصدر بيانات دورية أو تقارير شفافة، بل حُجب الموقع الرسمي للصندوق، مما حدّ من قدرة الباحثين والفاعلين المدنيين على متابعة أنشطته.

وأوضح أن المستفيدين من تمويلات الصندوق يشملون الإدارات العمومية والجماعات الترابية ومراكز الاتصال ومؤسسات النقل والخدمات، إلى جانب برامج التكوين والتدريس، إلا أن أغلب المشاريع تظل محدودة الطابع الرمزي ولا تؤثر على الاستخدام اليومي للأمازيغية في المؤسسات الرسمية.

من جانبه، قال محي الدين حجاج، المنسق الوطني لجبهة العمل السياسي الأمازيغي، إن اعتماد غلاف مالي مهم منذ سنة 2022 يمثل خطوة إيجابية تعكس جدية الحكومة في إنجاح هذا الورش الوطني.

وأضاف أن هذه المجهودات ساهمت في إدماج الأمازيغية في عدد من القطاعات الحكومية، وتسريع إدخالها إلى الفضاء العمومي عبر التشوير الطرقي وترجمة اللوحات، لكنه شدد على أن هذه المجهودات تعتبر محطة تأسيسية، وأن الهدف النهائي هو تحقيق المساواة الفعلية بين اللغتين الرسميتين للمغرب.

وشدد حجاج على ضرورة نقاش شفاف حول تفاصيل صرف الاعتمادات المالية للصندوق، بهدف ضمان توجيهها بشكل فعّال لدعم إدماج الأمازيغية بشكل ملموس، مؤكدًا على أهمية تثمين ما تم تحقيقه ومواصلة العمل لتجويده وتقويته.

اترك تعليقا *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ركن الإعلانات والإشهارات

أبرز المقالات

برامجنا

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.