احتضنت كلية الطب والصيدلة بمراكش، ما بين 20 و22 نونبر 2025، فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر الجمعية المغربية لجراحة القلب والشرايين، إلى جانب الدورة الثانية لمؤتمر الجمعية الإفريقية لجراحة القلب عند الأطفال، بمشاركة ثلة من الجراحين والخبراء من المغرب وأوروبا وإفريقيا، يمثلون مؤسسات جامعية وطبية مرموقة على المستويين القاري والدولي.
وجرى خلال الجلسة الافتتاحية تقديم أحدث المستجدات العلمية في جراحة القلب والشرايين، مع التركيز على جراحة الشرايين التاجية، والجراحة طفيفة التوغل لتغيير الصمامات، وزراعة الصمام الأبهري عن طريق الجلد، إضافة إلى مناقشة التحديات المطروحة في التعامل مع تمزق الشريان الأبهر، باعتباره من الحالات الحرجة في هذا التخصص.
وتطرقت جلسات خاصة لجراحة القلب عند الأطفال إلى حالات معقدة، منها العيب في القناة الأذينية البطينية وتبدل مواضع الشرايين الكبيرة، حيث استعرض الخبراء أحدث التقنيات الجراحية التي من شأنها الرفع من جودة التكفل بهذه الحالات الدقيقة، مع تقديم نماذج ميدانية لتجارب ناجحة على المستوى الدولي.
وفي السياق ذاته، شهدت الفعاليات تنظيم ورشات تكوينية موسعة لفائدة الأطر شبه الطبية، همّت مجالات العناية المركزة، والتخدير، والمساعدة خلال الجراحة طفيفة التوغل، بالإضافة إلى التأهيل الوظيفي بعد العمليات، مما أتاح فرصًا عملية لتعزيز المهارات المهنية للمشاركين.
وبرزت الورشة المتخصصة في جراحة الصمام الميتري عبر التدخل الجراحي الطفيف كإحدى أهم محطات المؤتمر، حيث ساهمت في الرفع من قدرات الفرق الطبية والتمريضية، وفي تحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى داخل المؤسسات الصحية.
وأشار البروفيسور الدريسي بومزبرة، رئيس الجمعية المغربية لجراحة القلب والشرايين، إلى أن اختيار مراكش لاحتضان هذا الحدث العلمي يعكس التزام المغرب بتعزيز التعاون الطبي جنوب–جنوب، مبرزًا أهمية تبادل الخبرات واعتماد التقنيات الحديثة في تطوير هذا التخصص الدقيق. كما أوضح أن الورشات التكوينية تهدف إلى تقوية قدرات الأطر الصحية وتوفير فضاءات تدريبية عملية.
ومن جهته، أكد الدكتور محمد بنتلة، أخصائي الجراحة المجهرية للقلب والشرايين بهولندا ورئيس قسم جراحة القلب بمستشفى بريدا، أن مشاركته في المؤتمر شكّلت فرصة لتقاسم التجارب المتقدمة في الجراحة المجهرية، معربًا عن رغبته في تعزيز التعاون مع الجراحين المغاربة في المستقبل.
ويندرج تنظيم هذا الملتقى العلمي الدولي ضمن الجهود الوطنية الرامية إلى تطوير المنظومة الصحية والبحث العلمي في المغرب، انسجامًا مع الرؤية الملكية التي جعلت من تأهيل البنيات التحتية الصحية ودعم التكوين المستمر وتعزيز التعاون الدولي، خصوصًا مع الدول الإفريقية، رافعة أساسية للنهوض بالقطاع.
واختتم المؤتمر أعماله بالتأكيد على ضرورة توسيع استخدام التقنيات الحديثة في جراحة الصمام والشرايين التاجية، ودعم البحث المشترك في جراحة القلب لدى الأطفال، وتطوير برامج التكوين المستمر لفائدة الممرضين والتقنيين، بما يضمن تبادل الخبرات بين الفرق الطبية الوطنية والدولية.