بقلم: محمد مسير ابغور
أثارت خرجات محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية وعضو مجلس النواب، نقاشًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث تساءل عدد من المتابعين عن خلفيات هذه التصريحات وسياقها الزمني. ووفق معطيات متداولة لدى مقربين من القيادي الحركي، فإن هذه المواقف لم تكن عفوية أو ظرفية، بل جاءت ضمن قراءة سياسية محسوبة للمرحلة.
واعتبر متابعون للمشهد السياسي أن الهجوم الذي شنه أوزين، سواء على رئيس الحكومة أو على موقع “شوف تيفي” المتصدر للمشهد الإعلامي المغربي، يعكس تحولًا في أداء حزب الحركة الشعبية كقوة معارضة، خاصة أن هذا النوع من التصعيد لم يقدم عليه في السابق حتى زعماء سياسيون عُرفوا بخطاباتهم المثيرة للجدل في محطات سياسية متعددة. وهو ما فُسر على أنه محاولة لسحب البساط سياسيًا، وإعادة تموقع الحزب قبل الاستحقاقات المقبلة.
ويرى البعض أن هذه التصريحات جاءت بعد إعطاء إشارات سياسية واضحة، خاصة أن محمد أوزين يُعرف، بحسب من عايش مساره السياسي، بأسلوب يتسم بالهدوء والتعقل في تدبير الخلافات، ما يعزز فرضية أن خرجاته الأخيرة جاءت في سياق مدروس وليس كرد فعل آني.
في المقابل، ربط محللون هذه التصريحات بالتحولات السياسية التي يعرفها المغرب، إلى جانب المتغيرات الدولية، معتبرين أن انتقاد أوزين لبعض المضامين الإعلامية التي يتناولها موقع “شوف تيفي”، خصوصًا تلك المرتبطة بقضايا مجتمعية مثيرة للجدل، يدخل ضمن نقاش أوسع حول دور الإعلام وحدود المسؤولية التحريرية. كما تم ربط هذا الموقف بالسياق الدولي، خاصة المواقف المعلنة لبعض القيادات السياسية العالمية بخصوص قضايا الهوية والحريات الفردية.
غير أن دخول رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، على خط هذا السجال، وفق قراءات متعددة، نقل النقاش إلى مستوى آخر، خصوصًا بعد الحديث عن علاقات دعم مالي عمومي لبعض المنابر الإعلامية، ما جعل رئيس الحكومة طرفًا مباشرًا في هذا الجدل، وفتح المجال أمام انتقادات موجهة إلى تدبير الحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار.
ويتزامن هذا الصراع مع مرحلة دقيقة يمر بها الجسم الإعلامي المغربي، في ظل النقاش الدائر حول وضعية التنظيم الذاتي للصحافة، والتسريبات المرتبطة بلجنة الأخلاقيات، وملفات قضائية وإدارية أثارت جدلًا واسعًا، إضافة إلى أزمة البطائق المهنية، التي يرى مهنيون أنها كشفت عن اختلالات بنيوية تهدد مستقبل المجلس الوطني للصحافة. كما لوحظ، في هذا السياق، دفاع عدد من المنابر عن أطراف بعينها، مقابل هجوم إعلامي استهدف محمد أوزين، تجاوز في بعض الأحيان النقاش السياسي إلى المساس بحياته الشخصية والعائلية، وفق ما اعتبره متتبعون خروجًا عن أخلاقيات المهنة.
ويؤكد متابعون أن اختيار محمد أوزين توقيت الخروج بتصريحاته داخل المؤسسة التشريعية لم يكن اعتباطيًا، بل جاء في إطار توظيف الفضاء البرلماني كمنبر سياسي ودستوري. كما يُشار إلى أن مساره الشخصي والمادي، مقارنة بعدد من القيادات الحزبية الأخرى، ظل بعيدًا عن مظاهر الثراء، وهو ما جرى استحضاره في بعض الحملات الإعلامية في محاولة لتحويل النقاش من السياسي إلى الشخصي.
وتبقى هذه التطورات جزءًا من دينامية سياسية أوسع، تعكس طبيعة التفاعلات داخل الحقلين السياسي والإعلامي بالمغرب، حيث يظل الرهان الأساسي هو احترام قواعد النقاش العمومي، وربط المواقف بالبرامج والسياسات، بعيدًا عن التشهير أو تصفية الحسابات الشخصية.