سرقات الدراجة تكشف ثغرات الردع والتربية القانونية في المغرب

تحقيقـ24 تحقيقـ24

بوزيان عبد المنعم

في الايام الاخيرة انتشر على مواقع التواصل مقطع لطفل لا يتجاوز العشر سنوات التقط بعدسات كاميرات المراقبة وهو يسرق دراجات هوائية وكهربائية في وضح النهار لم تكن السرقة حادثة معزولة بل سلسلة من الوقائع المتكررة احيانا اكثر من مرة في اليوم الواحد

لكن ما اثار الجدل لم يكن تكرار الجريمة فحسب بل نظرات الطفل نحو الكاميرا نظرات واثقة متحدية خالية تماما من الخوف وكأن العقاب او حتى فكرة القانون غير موجودين في عالمه الصغير.

كنت اشك بداية في ان تكون هذه المقاطع حقيقية وراودني الامل ان تكون مجرد مشاهد من انتاج الذكاء الاصطناعي لان حقيقتها مرة ومربكة اكثر مما نحتمل هذه الصورة الصادمة تدفع الى طرح سؤال اعمق ما الذي يجعل طفلا بهذا العمر يقف في وجه القانون بلا رهبة هل فقد الردع هيبته الى هذا الحدام ان الطفل نفسه لا يرى في القانون سوى غائب لا معنى له.

القضية تتجاوز فعل السرقة لتلامس جوهر المنظومة القانونية والاجتماعية معا فحين يسرق طفل فالمسألة لا تتعلق بجرم بسيط بل باشارة الى ثغرة عميقة غياب التربية القانونية وضعف الحماية الاجتماعية وارتباك المنظومة التي من المفترض ان تحتويه لا ان تدفعه الى الانحراف.

ثم هناك الاسئلة التي لم تطرح بعد:

هل يمكن لطفل في هذا العمر ان يتحرك وحده بهذا التنظيم والدقة اين تذهب هذه الدراجات المسروقة من يشتريها ومن يشجع هذا السلوك هل هناك شبكة تستغل الاطفال كواجهة لجرائم صغيرة تمرر في صمت ان صح ذلك فنحن لا نتحدث عن سرقة دراجة بل عن صناعة للجريمة تبدأ من الطفولة

غياب الردع لا يعني فقط ضعف القوانين بل غياب الاحساس الجماعي بالمسؤولية حين لا يتحرك المجتمع ولا تتابع السلطات مثل هذه الظواهر بجدية تصبح الجريمة درسا في الافلات لا في الخطأ

وهنا تبرز الحاجة لمراجعة القانون المغربي الخاص بالقاصرين ليس من باب التشديد العقابي فقط بل من باب الوقاية واعادة بناء الثقة بين الطفل والدولة بين المواطن والقانون، ولان العدل لا يبدأ من المحكمة بل من المدرسة من الشارع ومن الاحساس بان القانون ليس غائبا بل حاضرا بقدر ما هو عادل.

اترك تعليقا *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ركن الإعلانات والإشهارات

أبرز المقالات

تابعنا

لا يمكن نسخ هذا المحتوى.