افتتاح مؤتمر المدن المتوسطية الذكية بتطوان

إنطلقت، اليوم الخميس بالدار المتوسطية للمحامي بتطوان، فعاليات مؤتمر المدن المتوسطية الذكية، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وذلك بمشاركة خبراء وباحثون وصناع قرار، الذين توحدهم غاية استكشاف الرهانات والفرص المرتبطة بانتقال المدن إلى عصر الرقمنة.وتروم هذه الفعالية العلمية، المنظمة من طرف المدرسة العليا للاساتذة بتطوان، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إلى تقديم رؤى متعددة التخصصات في مجال المدن الذكية، وعرض أحدث نتائج الأبحاث واستعراض الرهانات الجديدة والتعاون وتطوير الشراكات، وتعزيز الروابط بين المصنعين والمهندسين والباحثين والطلاب والأساتذة وغيرهم من الجهات الفاعلة في قطاع المدن الذكية على الصعيدين الوطني والدولي، وكذا تعزيز خبرة المغرب في هذا المجال، وتقديم عرض صناعي وتكنولوجي لمنظومة المدن الذكية في العالم من خلال تنظيم معرض المدينة الذكية Smart City Expo، هذا إلى اقتراح حلول مبتكرة، وذات قيمة مضافة عالية، لمواجهة الرهانات المرتبطة بالمدينة الذكية من أجل المساهمة في بناء كفاءات عالية في هذا المجال.كما سيشكل هذا الحدث فرصة للمشاركين فيه للتعرف على مواضيع متنوعة، منها على الخصوص، تقنيات وتطبيقات المدن الذكية والانتقال الرقمي والإدماج الرقميو تحليل البيانات للمدن الذكية- التخطيط الحضري المستدام والمشاركة المجتمعية والابتكار في مجال البنية التحتية والمرونة والعمل المناخي.وفي كلمة له بالمناسبة أكد عامل عمالة إقليم تطوان السيد عبد الرزاق المنصوري، على أن أن موضوع وشعار المؤتمر ” نحو مستقبل مرن ومستدام للحياة الحضرية “يحمل في طياته دلالات عميقة وبالغة الأهمية، منها راهنية الموضوع وبعده الاستراتيجي المتعدد الابعاد، وإرتباطه بتثمين الرأسمال البشري، ودعم البحث العلمي والابتكار، وفتح آفاق واسعة لتحسين الخدمات لفائدة الساكنة، وترسيخ الحكامة الترابية وتدبير الشأن العام المحلي، والتركيز على إقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي، كخيار إستراتيجي وأساسي في إطار توجيهات النمودج التنموي الجديد، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية.وأضاف السيد العامل أن مدننا أصحبت تواجه اليوم تحديات مجتمعية ورهانات تنموية كبيرة مرتبطة بالتزايد السكاني والتوسع العمراني وتطولا العرض الخدماتي المتعدد الابعاد، وإرتفاع الضغط على البنيات التحتية والتوازنات البيئية والموارد الطبيعية، وما يفرض ذلك من إعتماد حلول مبتكرة وملائمة كفيلة، في إطار الحكامة الترابية المحلية، بتوفير شروط النجاعة في التخطيط الاستراتيجي المحلي، هذا إلى إيجاد المشاريع وتتبعها وتدبير المرافق والخدمات لفائدة المواطنين.وذكر المسؤول الترابي، أن المؤتمر فرصة سانحة للتفكير والبحث عن حلول ذكية خلاقة لمعالجة التحديات الكبرى، وذلك في إطار مقاربة تشاركية منتجة متعددة الابعاد تشمل الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والقانونية والعلمية، مشيرا أن المؤتمر مناسبة كذلك للوقوف على الدور المحوري للجامعة وللباحث الاكاديمي على مساهتها المتميزة في الدينامية التنموية التي يعرفها محيطها.وشدد السيد المنصوري على أن المملكة المغربية حققت والحمد لله، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله، تحولات متميزة وإنجازات كبيرة في مسار ترسيخ إقتصاد المعرفة والاتصال الرقمي والتحول التكنلوجي وتحديث وعصرنة الاقتصاد ومنظومة التكوين والادارة الرقمية، إذ لا يوجد اليوم بالمغرب قطاع لم ولن يستفذ من هذه الطفرة التكنلوجية، مسجلا، في ختام كلمته، أن مدينة تطوان تواصل بدورها تكريس تنزيل هذه التوجهات الاستراتيجية نحو المدن الذكية.من جانبه أكد رئيس جماعة تطوان السيد مصطفى البكوري، ان موضوع هذا المؤتمر يحمل في طياته أهمية قصوى ليس فقط بالنسبة لنا في مدينة تطوان، ولكن أيضا بالنسبة لجميع مدن منطقة البحر الأبيض المتوسط، بل وجميع مدن العالم التي تواجه تحديات مشتركة، مضيفا “أننا نعيش اليوم في عالم يتزايد فيه عدد سكان المدن بشكل متسارع، وهو ما يفرض ضغوطا هائلة على الموارد الطبيعية والبنيات التحتية الحضرية. وفي الوقت نفسه، كما يزداد إدراكنا لتأثير التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية المتكررة، أمام هذه التحديات، ندرك تماما الحاجة إلى تطوير مدننا بطريقة تراعي البيئة وتضمن استدامتها، مع الحرص في الوقت نفسه على قدرتها على الصمود في وجه التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية”.وذكر السيد البكوري، أن مفهوم المدن الذكية والمستدامة كان مجرد حلمٍ بعيدٍ، وأصبح واقعا ملموسا تعيشه مدن عدة حول العالم وتسعى لتنزيله العديد من المدن الأخرى، ذلك إن تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر السهل، بل يتطلب رحلة متكاملة تشمل عدة مراحل أساسية منها أساسا التخطيط الاستراتيجي والابتكار التكنولوجي، والديمقراطية التشاركية والتعاون الدولي.وشدد السيد الرئيس، على أن مفهوم المدينة الذكية لا يعد وليد اللحظة بمدينة تطوان، بل له جذور تاريخية عميقة. ففي العصور الوسطى، ابتكرت هذه المدينة العريقة الذي تصنف ضمن التراث العالمي لليونسكو شبكة ري فريدة من نوعها تعرف باسم “اسكوندو” (Scundo)، حيث شكلت هذه الشبكة نظاما هندسيا متطورا لإدارة وتوزيع المياه في جميع أنحاء المدينة. وقد استخدمت قنوات تحت الأرض وخزانات مياه متعددة لتخزين المياه وتوزيعها على المنازل والمساجد والحمامات العامة والحدائق، هذا إلى ان العمارة المستدامة التي طبعت مدينة تطوان في هذه الحقبة، اشتهرت باستخدام مواد بناء محلية مستدامة ومتينة، مثل الطين والجير والحجر الرملي، كما تميزت البيوت التقليدية بتصميمها الذي يراعي المناخ المحلي، حيث نجد الجدران السميكة التي توفر العزل الحراري الجيد، والفناءات الداخلية التي تساهم في توفير التهوية الطبيعية، وكذلك الأسطح المائلة التي تساعد على تصريف مياه الأمطار، مضيفا، أن مدينتنا، بتاريخها العريق وتراثها الثقافي الغني، تدرك تماما أهمية التوفيق بين الحفاظ على هويتها التاريخية وتطوير بنيتها التحتية بما يتماشى مع معايير المدن الذكية والمستدامة،ذلك انه في السنوات الأخيرة، قامت الجماعة بعدد من المبادرات المهمة في هذا الاتجاه، على سبيل المثال لا الحصر، استخدام الطاقة المتجددة (الألواح الشمسية) في العديد من البنايات الإدراية لجماعة تطوان، وتحسين كفاءة النقل الحضري من خلال إطلاق دراسات تروم تحديث أسطول الحافلات واعتماد أنظمة النقل الذكية، وتعزيز المساحات الخضراء التي نعتبرها رئة المدينة، حيث نعمل على الإعتناء بالحدائق والمتنزهات العامة، وكذلك التشجير في الشوارع الرئيسية. وهذا يساهم في تحسين جودة الهواء وتوفير أماكن للترفيه والاستجمام للمواطنين، وكذا استعمال المياه المعالجة في ري المساحات الخضراء العامة، مما يساهم في الحفاظ على هذا المورد الثمين وتحقيق الاستدامة في استخدام المياه بالمدينة، هذا إلى ترشيد استهلاك الإنارة العمومية من خلال الاعتماد على تكنولوجيا LED.كما إستعرض السيد الرئيس بعض المبادرات التي قامت بها جماعة تطوان منها، انضمام جماعة تطوان، كأول جماعة على المستوى الوطني، في مبادرة الحكومة المحلية المفتحة، وانخراط جماعة تطوان، في المخطط الوطني للانتقال الرقمي، من خلال اعتمادها مجموعة من المنصات الالكترونية لتدبير مصالح المرتفقين: (منصة rokhas.ma لرخص التعمير، منصة rokhas.ma للرخص الاقتصادية، منظومة GID للتدبير المندمج للنفقات، منظومةGIR للتدبير المندمج للمداخيل، البوابة الوطنية للصفقات العمومية، البوابة الوطنية للشكايات، منظومة ازدياد لتدبير وثائق الحالة المدنية وغيرها).رئيس جامعة عبد المالك السعدي بتطوان بوشتى المومني، في كلمة مماثلة، أشار إلى أن هذا المؤتمر العلمي الهام يعرف مشاركة ثلة من الخبراء الوطنيين والدوليين القادمين من أزيد من 13 دولة من منطقة البحر الأبيض المتوسط ومن خارجها، من أجل مناقشة وتدارس موضوع ذو أهمية كبيرة لمستقبل مدننا، خصوصا في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يعرفها عالم اليوم، ومواجهة التحديات التي ينتجها هذا التطور عبر اقتراح حلول مبتكرة، وذات قيمة مضافة لمواجهة الرهانات المرتبطة بالمدينة.وأضاف المومني، أن هذا المؤتمر يتمحور أيضا حول الاستفادة مما توفره تكنولوجيا المعلومات وذلك للإسراع بتحقيق أهداف التنمية المنشودة وإدماج المغرب بمقاولاته وجامعاته في الاقتصاد العالمي للمعرفة، وذلك في انسجام تام مع أهداف النموذج التنموي الجديد وتماشياً مع السياسة الحكومية الجديدة التي تتمحور حول تسريع وتيرة التحول الرقمي بالمغرب وكذا توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول إنجاح الانتقال نحو المدن المستدامة، معتبرا أن هذه المحطة العلمية فرصة لتبادل الآراء وتقديم رؤى متعددة التخصصات في مجال المدن الذكية، وعرض أحدث نتائج الأبحاث واستعراض الرهانات الجديدة والتعاون وتطوير الشراكات، واقتراح حلول مبتكرة وذات قيمة مضافة عالية، لمواجهة الرهانات المرتبطة بالمدينة الذكية، مع القدرة على الصمود المستدام ومواجهة الكوارث. وختم المسؤول الجامعي كلمته بالتأكيد على أن الجامعة المغربية تركز على أهداف التنمية المستدامة المحددة من طرف الأمم المتحدة من خلال التعليم والبحث العلمي والابتكار، ونشر وتعميم المعرفة، وكذلك من خلال تجسيد هذه الأهداف في سياساتها الداخلية، وهو ما يتجلى في توجهاتها الجديدة المتعلقة بالمسؤولية المجتمعية للجامعة، مؤكدا إن جامعتنا تسعى من خلال باحثيها إلى العمل في إطار مشاريع وأرضيات البحث العلمي والابتكار، والتي تهتم اهتماما واضحا بتنمية مشاريع وأبحاث علمية مرتبطة بموضوع المؤتمر، وذلك للمشاركة في النمو السوسيواقتصادي بالجهة بصفة خاصة وببلادنا بصفة عامة.هذا وسيتضمن المؤتمر أيضا جلسات عامة يسيرها خبراء بارزون، وموائد مستديرة وعروضا بحثية ومسابقات وعروضا تكنولوجية، مما يوفر منصة متعددة التخصصات لمعالجة التحديات المعقدة التي تواجه المدن في جميع أنحاء العالم، حيث تشمل المواضيع التي سيتناولها اللقاء العلمي “تقنيات وتطبيقات المدن الذكية”، و”التحول الرقمي”، و”التخطيط الحضري المستدام”، و”المشاركة المجتمعية”، و”تحليل البيانات الخاصة بالمدن الذكية”، و”الابتكار في مجال البنيات التحتية”، و”المرونة والمناخ” ، و”التضمين الرقمي “.كما يتضمن برنامج هذه الفعالية العلمية /الأكاديمية عرض تجارب المدن الذكية لمدن معينة، بما في ذلك مدينتين مغربيتين، ومعرض للمدن الذكية المتوسطية، وهاكاثون “المدينة الذكية”.