متى ننتهي من منتحلي صفة “صحافي”؟!

كثير يدعون ما ليسوا عليه، ونسمع دائماً عن توقيفات بتهمة انتحال صفة محام أو قاض أو رجل أمن، ولكن ما من يوم اوقف أحدهم لزعمه انه صحافي، فباتت مهنة الصحافة مباحة امام الجميع … أو ربما مهنة من لا مهنة له!

وفي زمن الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية بات من السهل انشاء موقع اخباري أو صفحة على الفايسبوك بمبلغ زهيد ولأهداف معروفة، فلا قيم ولا أخلاق، حتى بات كل “عاطل عن العمل” ينشئ صفحة على فيسبوك وينتحل صفة “الصحافي”، علما انه يكون لم يدرس الصحافة يوماً ولم ينل حتى شهادة ابتدائية، لا بل لا يعرف اللغة العربية ولا الكتابة ولا أبسط القواعد في اللغة ولا في الأخلاقيات المهنية، ويكتفون بسياسة “ادفع لأغطي أخبارك… وإلا أشتمك وأهاجمك”، وذلك عبر اللجوء الى سياسة الابتزاز والتشهير، فيعمد مدعي الصحافة الى التشهير بمواطنين ومسؤولين بهدف نيل مبلغ من المال للعودة عن الخبر المنشور.

ولا يكتفي المتطفلون على الصحافة بالتعرض للاخرين وابتزازهم فيهاجم الصحافيين الحقيقيين ان لم يعطوه حيزا من نشاطاتهم .. !يظن هؤلاء المتطفلون على مهنة الصحافة أنهم عندما يدخلون مركزا للشرطة أو الدرك أو يجلسون مع رجل أمن في أحد المقاهي لإحتساء كوب من القهوى يجعل منه صحافياً أو يؤسس لنجاحات وهمية يبني حياته ومسيرته المهنية عليها، فيجد اسهل طريقة لجني المال من خلال عمليات ومختبئاً خلف انتحال صفة الصحافي، وخلف عنوان في صفحته اليتيمة على الفيسبوك لا مضمون له سوى مساحة لممارسة هذا الابتزاز الغبي الذي يقع فيه أحياناً البعض. فمتى ننتهي من ظاهرة منتحلي صفة “الصحافي” والمعتدين على “مهنة المتاعب” إلى درجة أنهم باتوا هم انفسهم متاعب المهنة الحقيقية؟!

وجاء قانون الصحافة و النشر 88.13 الذي عزز الترسانة القانونية المتعلقة بالصحافة بالمغرب والذي أنزل إلى أرض الواقع متضمنا لأول مرة بنودا متعلقة بالصحافة الإلكترونية،مرقمة موادها من 33 الى 42 جاء لوضع حدلعشوائية المجال الصحفي والقطع من سماسرته ومرتزقته وامييه، فعلى الرغم من كون هذا القانون وظف مصطلح الصحافة الإليكترونية و حاول تسييجها، وحصر المهمة في من يتوفرون على المؤهلات العملية والعلمية الكفيلة بإدارة صحف أو مواقع الالكترونية، فإن هذا النوع من الصحافة بالمغرب لازال يواجه عدة تحديات.

هذا الأمر يحيلنا على مشكل أخر، وهو الوضعية القانونية لساكنة هذه الحوانيت الإخبارية التي تحتضن اشتوكة وسوس عامة معظمها منافية ومخالفة لقانون الصحافة والنشر،حيث أصبح كل من هب ودب يفتح موقعا، و كل من حمل ميكرفون، ووقف أمام كاميرا،يعطي لنفسه صفة صحفي أو إعلامي يبتز ويسترزق من اخبار و معلومات تافھة و خاطئة تفتقر إلى معايير الأجناس الخبرية، مجمل مضامينها مسروقة و مأخوذة من وسائل إعلام أخرى و في الغالب من مواقع شبكة الأنترنيت والغريب في الأمر ان جل المؤسسات والإدارات العمومية وحتى الحساسة منها والتي من المفروض ان تسهر على تطبيق القانون وإعطاء القدوة في احترامه تسمح بل تستدعي منتحلي صفة الصحفيين لتغطية انشطتها الرسمية بمباركة حماة خارقي قانون الصحافة والنشر و من يسمح لنفسه بالحديث مع رؤساء الجماعات المحلية والمجالس ومطالبتهم بتعويضات للصحافة، رغم ان رجالها الحقيقين لا علم لهم بهذا الابتزاز.

والهدف من تناولي لهذا الموضوع في هذه المقالة هو مجرد سؤال موجه إلى الجهات الإقليمية المختصة مفاده: من يحمي منتحلي صفة صحافيين والصحافة أو الإعلام بريئين منهم برائة الدئب من دم يوسف… ؟!